م:فرحان الخليل عضو جديد
عدد الرسائل : 10 العمر : 70 تاريخ التسجيل : 21/02/2007
| موضوع: مسرحية سوبر ماركت بين حكم القيمة والتحليل المنهجي - رد على م الإثنين يناير 21, 2008 12:18 am | |
| [i] سوبر ماركت بين حكم القيمة والتحليل المنهجي رد على مقالة فاديا أبو زيد
أريد أن أذكّر مَن كتب حول مسرحية سوبر ماركت التي قدمها الفنان أيمن زيدان على خشبة مسرح الحمرا , أن الإضحاك ليس شرطاً من شروط الكوميديا , لأن فهم المضحك يتطلب مجموعة من المعارف والتي لها صلة في مجمل اعتبارات تدخل في الفلسفة والأنتربولجيا وعلم النفس التحليلي , والذي هو حتما بعيد عن ( الفودفيل ) و ( الفارس ) المبتذل , وحتى لا تخلط الصحفية فاديا أبو زيد بين الكوميديا والمضحك لابد لي أن أعرّف الكوميديا وأحلل الإضحاك . فالكوميديا هي مسرحية حتما يقوم الفعل الدرامي فيها على تخطي مجموعة من العقبات والتي لا تحمل خطرا حقيقيا وتهدف إلى التسلية عبر تضخيم الحدث وإعطائه شكلا غير طبيعي بحيث يستطيع المتلقي أن ينظر لهذا التضخم بكونه خارج الحدث والكوميديا ليست شرطا للإضحاك كما ذكرت , وهذا ما فعله الأستاذ أيمن زيدان بخبرة أكاديمية بحته يصعب فهمها لغير الاختصاصي , لأن الكوميديا هي نوع اختصاصي للمسرح فقط , أما المضحك فهو يدخل في اختصاصات متنوعة - علاجية - عبر تأثيرها على المتلقي , أو كظاهرة تتجذر اجتماعيا وتاريخيا في حضارة ما وهناك دراسات كثيرة حول الضحك والإضحاك والمضحك من منظور فلسفي أهمها للفيلسوف الفرنسي برغسون والألماني هيغل , أو من منظور أنتروبولجي أهمها للروسي باختين , أو من منظور نفسي مثل النمساوي فرويد الذي أولى الضحك أهمية بالغة بكونه ظاهرة إنسانية حيث أن الضحك حالة جمالية يتفرد فيها الإنسان دون سواه , وهذا ما أدركه الأستاذ أيمن فجمع بحرفية مخرج معلم بين الكوميديا والإضحاك . أما حول ما كتبت الصحفية فاديا أبو زيد بما يخص العرض المسرحي سوبر ماركت تضمن مجموعة من الأحكام غير الممنهجة حيث تقول :( أن هناك مسرح تجاري ومسرح جاد ) وأنا أصر على أن المسرح لا يتجزأ بين التجاري والجاد بل بين مسرح جيد ومسرح رديء . وبعد ما وضعت الكاتبة مسرحية سوبر ماركت في مصاف المسرح التجاري - كما تقول - وتوازي بينها وبين ما يقدمه همام حوت وهذا تجني صارخ وغير مسؤول وهي التي تصرح وتقول : " ولكي لا نغوص في تفاصيل تحتاج إلى نقاد متخصصين في المسرح كان ما قدمه زيدان يشبه ما ألفناه كمتلقين في مسرح محمود جبر ومحمد صبحي وهمام حوت " . فطالما أدركت بأنها غير متخصصة في النقد المسرحي فلماذا تضع نفسها بمأزق غير العارف وتريد التنصل بحجة عدم الاختصاص ، بعد أن اعتبرت مسرحية زيدان خالية من مقومات العمل المسرحي كبناء الشخصية والحبكة والتطور الدرامي والصراع ، مؤكدة أن الـ ( سوبر ماركت ) اعتمدت على الاستعراض الكلامي والحركي والتهريج . وسأوضح كل مقوّم من هذه المقوّمات في مسرحية سوبر ماركت : 1 – بناء الشخصية : تتكون الشخصية في المسرح من خلا ل أفعالها وخطابها والصفات التي تحملها وتكوّن علاقة جدلية بين فعل الشخصية وصفاتها . هذا تعريف عام . أما بالنسبة للشخصيات في مسرحية سوبر ماركت فقد تكوّنت فعلا من خلال أفعالها وخطابها حيث اتضحت في شخصية أيمن زيدان ( الزوج ) عبر تطورها الدراماتيكي من خلال القلق الداخلي والذي اعتمد على مجموعة من الأفعال توضح تردده حينا وعجزه في غالب الأحيان كشخصية استطاعت فعلا محاكاة الفعل من خلال السكون أحيانا إذ يبدو القلق فاعلا والتردد منفعلا ليصل في النهاية إلى صيرورة الإنسان المقهور عبر تطورها الاجتماعي . كما أن شخصية شكران مرتجى ( الزوجة ) والتي تطابقت أفعالها ونمو هذه الأفعال مع البنية المعرفية لشخصيتها حيث كانت شخصية متسلطة في البيت ونقلت هذا التسلط إلى الحي ومن ثم المدينة عبر تطور الحاجة لمفهوم الحياة عبر ثقافة الشخصية ومفهومها البنائي . وهذا يندرج على باقي الشخصيات وقد بدا ذلك واضحا في الشخصيات التي تقمصها المبدع محمد حداقي , حيث عبرت هذه الشخصيات من خلال خطابها الاجتماعي والسياسي والنفسي . 2 – الحبكة : رغم أن هذا الاصطلاح قد دخل متأخرا إلى اللغة النقدية في المسرح إذ هو مفهوم روائي . لكن الحبكة في المسرح هي مجموعة أحداث تتشابك خيوطها بسبب تعارض رغبات الشخصيات وقد يتداخل هذا المفهوم مع مفاهيم متقاربة مثل العقدة والحكاية والفعل الدرامي وهناك حبكة أساسية وحبكة ثانوية . أما ما شاهدناه في السوبر ماركت حبكة أساسية تنطلق منذ بداية العرض عبر تطور درامي مدروس بدراية ودقة من خلال مجموعة من التعقيدات الحياتية والتي تنطلق من البيت إلى الجيران ومن ثم إلى مجتمع كامل تربطه خيوط متجانسة على الصعيد الاقتصادي والذي هو عصب الفعل المسرحي عند المخرج أيمن زيدان في السوبر ماركت . 3 – التطور الدرامي : من المعروف أن الدراما هي الفعل , وصفة درامي هي دلالة على الإثارة أو الخطر . فقد كان نمو الحدث الدرامي في مسرحية السوبر ماركت متجليا وواضحا من خلال نمو الشخصيات المسرحية والتي كانت الحامل الأساسي للعرض المسرحي والتي نمت وتطورت عبر مفهوم البنية الثقافية للشخصية الدرامية والتي تشكل المحمول المسرحي عبر النص المعد والتي تركزت أحداثه الدرامية في العلاقة الجدلية بين المفهوم الاقتصادي من خلال الرؤية السياسية . 4 – الصراع : هو مفهوم عام يفترض علاقة صدامية جسدية أو معنوية . أما في المسرح فيجب أن يكون الصراع مركزا ومكثفا .. وخصوصيته تكمن في توليد الديناميكية المحركة للفعل الدرامي . ففي مسرحية سوبر ماركت يظهر الصراع جلياً وبشكل كبير . حيث تجلى بين الشخصية وذاتها الداخلية ( الضمير ) وبين الشخصية وباقي شخصيات العرض , كما تعدّى الصراع ليكون بين شخصيات العرض والتركيبة السياسية , ليساهم بدفع الفعل تجاه الحبكة التي وصلت إلى الذروة ومن ثم النهاية . وهنا أتساءل كيف تسنى للصحفية أبو زيد إلغاء المقومات الأساسية للعملية المسرحية في عرض سوبر ماركت رغم ما ذكرت , أم أن الأحكام النقدية هي أحكام قيمة لا تعتمد على التحليل البنيوي ؟ . كما أن الناقدة أبو زيد تتطرق إلى الجمهور محولة أزمته إلى قلة الإبداع المسرحي حيث تقول : ( وما أصاب المسرح السوري هو فقدانه لهذا الجمهور النوعي الذي يصبح فعالا في انتعاش الإنتاج المسرحي ) أي أن السبب هو المشتغلين في المسرح ومرتبطة أزمة الجمهور بأزمة الإبداع . هذا كلام في غاية الغرابة وهنا فقط أريد أن أذكر ببعض المبدعين المسرحين مثل غسان مسعود وجهاد سعد وماهر صليبي وآخرين . ويبدو أن أبا زيد تناست أن أزمة الثقافة منبثقة عن غياب الديمقراطية وهي مطلب أساسي ورئيسي للإبداع , كما أن هناك أزمات موجودة عند القائمين على المسرح الحكومي والذي يندرج تحت تسمية المسرح القومي , وهنا سأفند ما قلته حول الأزمات التي جعلت الجمهور غائبا . لو أراد أي مخرج أن يقوم بالاشتغال على نص مسرحي لا بد له أن يجلب الموافقات من الوزارات والمديريات ومخافر الشرطة وحتى من مخاتير الأحياء وأن يكون النص يوافق كافة هذه الأمزجة فيلجأ الكثيرون إلى اختيار نصوص مضحكة وتافهة وبذلك يساهم المسرح في الابتعاد عن جمهوره . هذا أولا . أما ثانيا : حول المسرح القومي والذي يساهم بشكل فعال في ابتعاد الجمهور عن المسرح ويندرج ذلك في عدد من القضايا : - الأجور المتدنية التي يتقاضاها المشتغلين في المسرح القومي . - لا يعمل في المسرح القومي إلا من يرضى عليه مدير المسرح . - عدم إعطاء فرصا عادلة للمخرجين وخاصة في المحافظات , والذي ينال نصيبا من الإخراج لابد أن يتمسح بأحذية من سيعطيه الفرصة والشواهد كثيرة على ذلك . كما أن الناقدة كانت حريصة على أن لا تنتقل عدوى المسرح غير القومي إلى المسرح القومي , وعلى ما يبدو أنها غير عارفة بما يقدمه المسرح القومي من عروض هزيلة لا تمت إلى صلب المسرح ولا بأي شكل لا من نصوص ولا ممثلين ولا مخرجين وخصوصا في المحافظات التي يتواجد فيها مديريات للمسرح القومي . متناسية أيضاً أن المسرح الأهلي يقدم عروضا في غاية الأهمية وبدون تسميات مثل تجارية أو ما شابه ذلك بل يقوم بمهرجانات على حسابه الخاص , فالمسرح طائر حر لا يقيده قيد مهما كان , ورغم كل الصعوبات سيبقى المسرح سيدا لكل فن. وحول عودة الفنان أيمن زيدان إلى المسرح يقول : ( مشكاتنا في عودتنا إلى المسرح أنها كانت مشروطة بأن هناك رغبة لتلك العودة من قبل الجميع .... والمشكلة بالمسرح أنه مرهون بأشخاص يجب أن يكون لديهم هم مسرحي ورهاننا على مسؤول متحمس فعلا ) فهل ينطبق هذا القول على مسؤولي المسرح القومي ؟ هو رهان فعلا !! وهنا أتساءل : كم سيأخذ الفنان أيمن زيدان أجرا لهذا العمل من المسرح القومي ؟ وبدوري أقول كل ما سيتقاضاه لا يساوي قيمة مشهدا واحدا من أي مسلسل تلفزيوني فالفنان أيمن زيدان نجما عربيا بامتياز يا فاديا أبو زيد , وأريد أن أذكّر كذلك بأن الفنان أيمن زيدان مخرجا مسرحيا متميزا وتاريخه المسرحي يشهد منذ بداية اشتغاله في المسرح الشبيبي وحتى إعادة مسرحية سوبر ماركت مرورا بالمسرح الجوال الذي تبناه وأعطاه من وقته الكثير, رغم أن هناك ممثلين يعملون في التلفزيون وخريجي المهعد العالي لم يعرفوا خشبة المسرح قط بعد تخرجهم والأنكى من ذلك يوضعون في مواقع مسرحية مهمة , وهذا لا يثير العجب لأنه ظاهرة طبيعية ناتجة عن اهمال متعمد للمسرح والمسرحيين , لأن الآليات المسرحية القائمة حاليا تعطل حركة المسرح عبر قوانينها العثمانية !! فشكرا لزيدان قبوله العودة إلى المسرح في حين هناك خرجين يهجرون المسرح مباشرة بعد التخرج وهم محقين لأن التلفزيون يحقق بالعموم دخلا معقولا بينما المسرحي دائما في عوز مادي وحل هذه المشكلة بسيط جدا . أليس كذلك يا مديرية المسارح ؟؟؟ . فرحان الخليل Masrah111@yahoo.com | |
|